؟هل كان بإمكان الأردن توفير الملايين في التعداد السكاني
شهدت الأردن اعتباراً من 30 نوفمبر/تشرين الثاني بدء مرحلة العمل الميداني للتعداد السكاني لعام 2015 بالطريقة التقليدية من خلال المقابلة الشخصية ، عن طريق زيارة العدّاد للمساكن حتى لو استخدم الباحث أجهزة (التابلت) لتفريغ الإجابات.
مما يلفت الانتباه بعدما استعرضت الموقع الإلكتروني للتعداد السكاني في الأردن http://census.dos.gov.jo/ أن أسلوب التعداد محدد بطريقة واحدة فقط وهي “زيارة كافة المساكن في المملكة واجراء المقابلات المباشرة مع الاسر التي تقطنها، واستيفاء البيانات باستخدام استبيانات الكترونية مصممة خصيصا لهذا الغرض” مما يعني عدم وجود خيار التعداد الالكتروني E-CENSUS -استخدام الانترنت لتعبئة بيانات التعداد- بالرغم من انتشاره واستخدامه في العديد من الدول! ومنها دولة الكويت حيث كان لمجموعتنا التي أدارت العمل الميداني في تنفيذ تعداد السكان والمساكن عام ٢٠١١ تجربة ثرية في تطبيقه ليكون من ضمن الخيارات في جمع المعلومات جنباً الى جنب مع الطريقة التقليدية، وهي تجربة تستحق الاطلاع والاستفادة منها، وهذه بعض جوانبها والتي سمعتها من الزملاء أكثر من مرة، وعرضها مدير الإدارة المركزية للإحصاء في أكثر من لقاء ومؤتمر كان أخرها مؤتمر” التطور الديموغرافي في دول مجلس التعاون الخليجي ” في جامعة الكويت.
بالرغم من أننا في استطلاعات الرأي لا نفضل الخلط بطريقة جمع البيانات لضمان جودة النتائج بأن الاسئلة كلها طرحت بنفس الصياغة، وكتبت بنفس الاداة، وفهمها الباحث والمستجيب بنفس الفهم، إلا أنه بالنسبة لاستمارة التعداد فهي عادة ما تكون معلومات محددة، لا تتضمن انطباعات واتجاهات وأفكار مما يقلل من الانحياز الا اذا قصد المستجيب أن يكذب، ولذا تم تكييف اسئلة استمارة تعداد السكان والمسكان لعام ٢٠١١ إلى متطلبات برمجيات وأجهزة التعداد الالكتروني، وتم تطبيق نفس مبادئ وضوح الاستمارة وطولها وطريقة صياغة أسئلتها، وكانت الاسئلة في استمارة التعداد الالكتروني هي نفسها في استمارة التعداد الميداني بدون ايه اختلافات، وكما تم ربط استمارة التعداد الالكتروني إلى الموقع الالكتروني للإدارة المركزية للإحصاء بدولة الكويت وغيره من الاجراءات التقنية النموذجية التي تضمن توافق الاجابات برغم تنوع أسلوب جمع البيانات.
تم الإعلان عن التعداد الالكتروني لتعداد السكان والمساكن لعام ٢٠١١، عبر وسائل الإعلان و الانترنت، وتم فيه تدشين النظام من خلال مؤتمر صحفي، وبعدها تم خلال اسبوعين تسجيل الرغبات لمن يريدون المشاركة الكترونياً، وارسلت مجموعة(KANEE) باعتبارها الشركة المنفذة لإدارة العمل الميداني رقم سري (Pen-Code) للدخول مرة ثانية خلال فترة العد لمدة اسبوعين، بعد ذلك تم المطابقة والتأكد ممن لم يتمكن من التسجيل حيث قام العدّاد بزيارته لاستيفاء بياناته وبيانات اسرته ميدانيًا.
كانت تجربة استخدام التعداد الالكتروني تجربة مميزة وفرت علينا الكثير من الجهد البشري والمالي، وما زال يذكر الزملاء هنا – بفخر- كيف بلغت نسبة الذين استجابوا لهذه الأداة مكانة متقدمة حتى على المستوى الدولي، وبعد الاستئناس برأي المديرة السابقة للأساليب الاحصائية في الإحصاءات الأردنية سابقاً الاستاذة بتول عبيد، كان بإمكان الأردن الاستفادة منها على الأقل لتوفير بعضاً من العشرين مليوناً المرصودة لهذا المشروع الكبير!