مشرف عام المركز يكتب حول مشاريع استطلاعات الرأي العالمية

استطلاعات رأي عابرة للحدود… صعوبة تنفيذها وسهولة اكتشاف أخطائها وحلاوة نتائجها!
د.سامر أبو رمان
samiraburumman@princeton.edu
بعد تجربة شخصية لمدة تزيد عن عشر سنوات في مجال العمل والإشراف على مشاريع استطلاع رأي عالمية، وبناء مؤشرات للبلدان المختلفة، مثل مشروع البارومتر العربي لجامعة برنستون، ومسح القيم العالمي WVS، ومسح الآراء الاجتماعية الدولي ISSP لمركز NORC في جامعة شيكاغو، وغيرها، يمكن القول إن تنفيذ مثل هذه المشاريع المعقدة يأتي مع تحديات منهجية وسياسية وعلمية برغم الفوائد المترتبة في التخطيط الدقيق والانتباه للتفاصيل، والفهم العميق للثقافات والمجتمعات المختلفة وهو ما سأحاول أن أستعرضه في السطور القادمة، مع التمييز بين هذه المشاريع العابرة للحدود وتلك التي تجري في دولة واحدة، وربما مرة واحدة كما يُقال: “مشروع مستقل” (stand-alone project).
أحد الاختلافات الرئيسية بين الاستطلاعات العالمية وتلك التي تُجرى في بلد واحد هو نقص البيانات الزمنية والتحليلات الإقليمية وعدم القدرة على مقارنة البلدان المجاورة مباشرة، وهذا يشكل تحدياً فيما يتعلق بضمان جودة ودقة البيانات المجمعة. يمكن مقارنة هذا التحدي باستطلاعات الرأي المتعلقة في التنبؤ بالانتخابات حيث تظهر النتائج بسرعة وتكشف عن الدقة وهكذا في استطلاعات الرأي المتعددة بين البلدان فمن الصعب تنفيذها ومن السهولة اكتشاف أخطائها!
وعلى الرغم من أنني كمستطلع آراء ومنتج للأرقام، ليس من الضروري شرح نتائج استطلاعاتي ولا مطلوب مني تبريرها، ولكني لا أنسى تجربتي مع مشروع مسح القيم العالمية WVS في موجته السادسة، حيث اضطررت لدراسة إجابات الكويتيين بعناية فائقة ومقارنتها مع نتائج دول عربية أخرى، وفي بعض الأحيان، وجدت أنه من الضروري مشاركة بعض النتائج لقياس آراء الخبراء المحليين أو حتى المواطنين العاديين! أتذكر جيدًا أنه كان علي تفسير بعض الاختلافات في الأسئلة، مثل شرح سبب ثقة الكويتيين بالآخرين أقل نسبيًا. واضطررت إلى طرح بعض الأفكار المتعلقة ببعض الأحداث التاريخية والتجربة ومستوى المعرفة والثقافة، والتي قد تجعل الناس في الكويت أقل ثقة بالأخرين من غيرهم! وبنفس السياق، كنت قد سألت مسؤولًا في منظمة بيو Pew لاستطلاعات الرأي في واشنطن عن كيفية التعامل مع النتائج العالمية ومقارنتها بغيرها. وقد ذكر وقتها مستوى آخر من التحديات وضبط الجودة حين يقارن نتائجه الدولية بنتائج منظمة غالوب Gallup، والتي تشترك معهم في بعض الأسئلة والإجابات في أكثر من مئة دولة ضمن مشروعهم Gallup World Poll.
وكما يكتنف التنوع الزمني والاجتماعي بين الدول لطبقة أخرى من التعقيد في المشاريع الاستطلاعية الدولية متعددة البلدان. حتى بين الدول التي تشترك في لغة مشتركة مثل الدول العربية، قد تظهر اختلافات في صياغة وتفسير أسئلة الاستطلاع. ولذا للتغلب على هذه التحديات، نقوم باستخدام تقنيات الترجمة المهنية ومنها الترجمة العكسية، وأحيانا تشترط بعض الجهات الطالبة للاستطلاع أن يتم الاستعانة بخدمات الشركات المتخصصة في الترجمة عالية الجودة للاستطلاعات الدولية عبر العديد من اللغات والبلدان.
هذه الأفكار المتنوعة كانت ضمن حديثي مع فريق شركة D3 Systems في ولاية فيرجينيا حيث ذكرتهم بمعاناة وتحديات تنفيذ مشاريع استطلاعات الرأي عبر الحدود، ولكني ذكرتهم في الوقت نفسه بمتعة تذوق النتائج المقارنة وفهم آراء شعوب مع شعوب أخرى من جميع أنحاء العالم بنسبتهم المئوية – كما أذكر أشار أحد كبار باحثي ومستطلعي الرأي Irving Crespi بأن معرفتنا تتوسع أكثر بآراء الناس من مجرد رأي حلاق شعرنا!

المصدر : جريدة الأنباء الكويتية