د. سامر أبو رمان
لا يخفى على المتابع لشأن الشباب في الكويت مظاهر الرعاية والاهتمام والعناية بهم حتى خصص يوم 13 مارس من كل عام للاحتفال بهم، وأطلقت مبادرات في صور متعددة للاستماع إلى الشباب من مختلف الجهات الرسمية الكويتية، ومنها “الكويت تسمع” ضمن المؤتمر الوطني للشباب، كما عُقدت العديد من الملتقيات والمؤتمرات، ومنها مؤتمر الشباب الخليجي “مساحات شبابية” و”عدسة”، ومؤتمر “هاشتاق الكويت الأول لوسائل التواصل الاجتماعي” ومؤتمر “الشباب والتطرف” وغيرها.
وكذلك بدأت وزارة الشباب منذ مطلع عام 2016 تنفيذ أول مسح وطني للشباب في تاريخ الكويت، بالتعاون مع الإدارة المركزية للإحصاء، ومن المتوقع إعلان نتائجه قريباً لتكون مادة تحفل بالزخم للباحثين والمهتمين بالشباب.
برغم هذه المظاهر والإنجازات للتعرف على رأي الشباب والتفاعل معهم، فإن المسألة ليست بهذه البساطة، وهو ما يشكل تحدِّياً لكل من يعمل في دراسات المجتمع عامة، والشباب خاصة؛ فأحياناً لا تتسم إجابات الشباب ومشاركاتهم بدقة ترضي طموحاتنا البحثية مع التجاذبات بين الممنوع (المسكوت عنه) والمسموح (المصرح به).
وبعد الإشراف على العديد من استطلاعات رأي الكويتيين، واستخراج نتائج فئة الشباب منهم في بحث ينشر قريباً عن شباب الخليج، لا أنكر أن بعض نتائج استطلاعاتنا تحتوي على إجابات مثالية، وبعضها غير واقعي قد يزيد هامش الخطأ كالأسئلة المرتبطة بالقيم الدينية والوطنية، وهنا ينبغي استخدام استراتيجيات متنوعة للتعرف على ما في عقول الشباب والتسلل إلى قناعتهم، وحجم تفكيرهم في مختلف القضايا، وما قد ينبثق عن ذلك من سلوك سلبي أو إيجابي، لنتجاوز البعد الشكلي في التعامل مع قضايا الشباب للبعد الاحترافي والواقعي طويل الأمد.
أذكر أنه كان من ضمن البرامج المميَّزة التي تنفذها كلية السياسة العامة والإدارة بجامعة دلاوير الأميركية University of Delaware مشروع Kids Count، الذي يسعى إلى توفير بيانات عالية الجودة عن رفاهية الأطفال والشباب والأسر، للتأثير الإيجابي على السياسات، وتحديد الأولويات، والبرامج في الولاية، حيث تجد إجابات لبعض الأسئلة الحساسة بدرجة من المصداقية مع تحقيق مجهولية المستجيب Identification، ومن ذلك السلوك الجنسي وغيره، وهو ما يبدو من الصعوبة السؤال عنه في مجتمعاتنا، فتزداد إشكاليات التعرف على الشباب، وما يشغل تفكيرهم وحجم كل هذه القضايا بحياتهم؟ وينطبق هذا على مواضيع أخرى متعلقة بالتطرف والعنف والإرهاب والطائفية والعنصرية -وغيرها من الجوانب- التي أصبح ربطها بالشباب ينمو بشكل ربما لم يسبق له مثيل.
اليوم، الفرصة كبيرة، والحاجة ملحة ليصبح الاستماع للشباب مشروعاً استراتيجياً ممتداً، ينقل ما يحدث به الشباب أنفسهم وصولاً إلى نتائج وتوصيات من شأنها أن تكون داعماً لصنَّاع السياسات، ومتخذي القرارات في الشأن الشبابي، ولم يعد مقبولاً الاعتماد على قياسات رأي تحف إجابتها المثالية والدراسات غير واقعية، وأن تبقى جهود قياس رأي شبابنا موسمية، أو ردة فعل تنشط في الأزمات، أو ترفاً معزولاً عن التنمية والاستقرار المجتمعي والسياسي.